قبعة التصنيف
دق هاجريد على باب القلعة الضخم، فانفتح في الحال، وظهرت
من وراءه ساحرة طويلة سوداء الشعر، ترتدي روبا أخضرا زمرديا. كان لها وجه صارم جعل
هاري يفكر في أنه سيكون من الأفضل عدم العبث معها .
قال هاجريد ( طلاب السنة الأولى ، أستاذة ماكونجال)
( شكرا لك يا هاجريد، سأتولى أنا أمرهم من هنا) ثم فتحت
باب القلعة على مصراعيه.
كانت بهو المدرسة ضخما جدا لدرجة انه يمكنك وضع بيت
عائلة دارسلي بداخلها.كانت الجدران الحجرية مضاءة بمشاعل كتلك الموجودة في
جرينجوتس، أما السقف فقد كان أعلى من أن تستطيع معرفة ارتفاعه، وفي الواجهة مجموعة
من السلالم الرخامية الرائعة، تقود إلى الطوابق العليا.
سار الطلاب خلف
الستاذة ماكونجال عبر الأرضية الحجرية، كان يمكن لهاري سماع دوي مئات الأصوات من
خلف أحد الأبواب على يمين القاعة، لابد أن باقي المدرسة موجودون بالداخل، ولكن
الأستاذة ماكونجال قادت طلاب السنة الأولى لغرفة صغيرة خالية، فاحتشدوا بداخلها
وهم يقفون متلاصقين، عكس ما قد يفعلوا في أيامهم العادية، يحدقون فيما حولهم بقلق
وتوتر.
قالت الأستاذة ماكونجال ( أهلا بكم في هوجورتس، سيبدأ
الاحتفال بالعام الدراسي الجديد بعد قليل، ولكن قبل أن تتخذوا مقاعدكم في البهو
العظيم، سوف يتم تصنيفكم في منازلكم. إن مراسم التصنيف مهمة جدا، لأنه طوال فترة
تواجدكم في المدرسة، سيكون منزلكم بمثابة عائلتكم في هوجورتس. سوف تأخذون حصصكم
المدرسية مع باقي طلاب منزلكم، وستنامون في مهجع المنزل، وتقضون أوقات فراغكم في
غرفته العامة.
منازل المدرسة هي جريفندور، هافلباف، ريفنكلو، وسليذرين.
لكل منزل منهم تاريخ نبيل وعظيم، وقد تخرج في كل منزل مجموعة من أعظم السحرة
والساحرات، بينما أنتم في هوجورتس، ستضيف إنجازاتكم نقاطا لمنزلكم، بينما كل خرق
للقواعد سيتسبب في خصم نقاط منه، وفي نهاية العام سيحصل المنزل الذي يجمع أكبر عدد
من النقاط على كأس المنازل، وياله من شرف عظيم. أتمنى ان يكون كل طالب منكم إضافة
جيدة للمنزل الذي سوف ينضم إليه. ستبدأ مراسم التصنيف بعد قليل في حضور جميع طلاب
وأساتذة المدرسة، أرجو أن تستغلوا فترة الانتظار في تعديل ملابسكم والتأنق قدر
الإمكان. تعلقت عيونها للحظات بعباءة نيفيل المزررة بطريقة خاطئة، وأنف رون التي
كانت لاتزال ملطخة بالغبار. حاول هاري ترتيب شعره بتوتر.
تابعت الأستاذة ماكونجال ( سوف أعود عندما نكون مستعدين
لاستقبالكم، أرجو أن تنتظروا في هدوء)
غادرت الغرفة، فابتلع هاري ريقه، وسأل رون ( ماذا سيحدث
في مراسم التصنيف هذه بالضبط؟)
( إنه نوع من الاختبارات، يقول فريد انه يؤلم بشدة،
ولكنني أعتقد أنه كان يمزح)
سقط قلب هاري في قدميه، إختبار؟ أمام المدرسة كلها؟ ولكنه
لا يعرف أي شيء عن السحر بعد، مالذي يمكنه فعله بحق السماء؟ لم يتوقع أن يحدث أي
شيء من هذا القبيل في لحظة وصولهم للمدرسة. نظر حوله بقلق، فوجد أن الجميع يبدو
عليهم الرعب، ساد الصمت إلا من كلمة هنا وكلمة هناك، ولكن هيرميوني جرانجر لم
تتوقف عن الحديث للحظة، كانت تهمس بسرعة شديدة حول جميع التعاويذ التي تعلمتها،
وتتسائل، يا ترى أي واحدة ستحتاج. كان هاري يحاول جاهدا ألا يستمع إليها. لم يكن
أكثر قلقا وتوترا من قبل، ولا حتى عندما اضطر أن يعطي لعائلة درسلي تقريرا مدرسيا
يقول أنه، وبطريقة ما، استطاع تحويل شعر مدرسته المستعار إلى اللون الأزرق، ظلت
عيناه معلقة بالباب، ستعود الأستاذة ماكونجال في أي لحظة أي لحظة الآن وتقوده إلى
هلاكه.
ثم حدث ما جعله يقفز عاليا في الهواء، لقد صرخ الكثيرون
من خلفه( ما هذا؟) فشهق هاري، وكذلك فعل العديد ممن حوله. لقد مر من الحائط خلفهم
للتو ما يقرب من عشرين شبحا، كان لونهم أبيضا لؤلؤيا وشفافا بعض الشيء، كانوا
يعبرون الحجرة وهم يتحدثون إلى بعضهم البعض، ولم يعيروا طلاب السنة الأولى أي
اهتمام، كانوا يتجادلون حول شيء ما، فقال ما يبدو أنه شبح راهب قصير سمين (
فلتغفروا وتنسوا، أنا أرى أن نعطيه فرصة ثانية)
(عزيزي فريار، ألم نعطي بيفيز بالفعل كل الفرص التي
يستحقها؟ انت تعرف أنه يطلق علينا جميعا ألقابا سيئة، إنه ليس شبحا حتى، إذا مالذي
تفعلونه جميعا هنا؟)
كان الشبح الذي يرتدي ملابس ذات ياقة عملاقة وبنطال ضيق
كالجورب، قد لاحظ للتو وجود طلاب السنة الأولى، ولكن لم يجبه أحد.
قال الراهب السمين فريار وهو يطوف حولهم مبتسما ( أنتم
طلبة جدد على وشك أن يتم تصنيفكم، أليس كذلك؟) فأومأ قليل منهم في صمت.
قال فريار ( أتمنى أنا أراكم في هافلباف، أتعرفون، لقد
كان منزلي القديم)
قال صوت حاد ( فلتتقدموا الآن، فمراسم التصنيف على وشك
البدء)
عادت الأستاذة ماكونجال، وبدأت الأشباح تخرج واحدا تلو
الآخر عبر الحائط المقابل.
قالت الأستاذة ماكونجال لطلاب السنة الأولى ( والآن،
شكلوا صفا ثم اتبعوني)
شعر هاري وكأن قدميه قد تحولا إلى حجرين ثقيلين من
الرصاص. دخل في الصف خلف ولد ذو شعر في لون الرمل، وكان رون خلفه. خرجوا من الحجرة
وعبروا البهو مرة اخرى ثم دخلوا من باب مزدوج ضخم إلى القاعة الكبرى.
كانت القاعة الكبرى أروع وأغرب بكثير مما يمكن لهاري
تخيله، فقد كانت مضاءة بالآلف والآلاف من الشموع التي تطفو في الهواء فوق أربعة من
الموائد الطويلة، المزينة بالأطباق والكئوس الذهبية اللامعة حيث يجلس باقي الطلاب،وتتصدر
القاعة مائدة طويلة أخرى يجلس حولها الأساتذة، قادت الأستاذة ماكونجال طلاب السنة
الأولى إلى صدر القاعة، فوقفوا في صف أمام باقي الطلاب، وكانت طاولة الأساتذة
خلفهم. كان ضوء الشموع المتراقص يجعل مئات الوجوه التي تحدق فيهم، تبدو كالمصابيح
الشاحبة، بينما تلمح الأشباح هنا وهناك، تطفوا بين الطلاب بهيئتها الضبابية
اللامعة كالفضة. وليتفادى النظر إلى كل هذه العيون المحدقة، رفع هاري عينيه لأعلى،
فرأى سقفا أسودا مخمليا مرصعا بالنجوم، سمع هيرميوني تهمس ( لقد ألقوا عليه تعويذة
ليبدوا كالسماء في الخارج، لقد قرأت عنه في كتاب تاريخ هوجورتس)
كان من الصعب التصديق بأن القاعة الكبرى مسقوفة من
الأساس، وأنها ببساطة ليست مفتوحة على
السماوات.
نظر هاري للأسفل بسرعة، عندما وضعت الأستاذة ماكونجال بهدوء
مقعدا صغيرا ذو أربعة أرجل أمام طلاب الصف الأول، ووضعت فوق المقعد قبعة ساحر ذا
طرف مدبب. كانت قبعة مهترئة شديدة الاتساخ وبها بعض الرقع، لم تكن الخالة بتونيا
لتسمح بدخول هذه القبعة إلى المنزل أبدا.
جمح فكر هاري، ربما يجب عليهم أن يحاولوا إخراج أرنب من
القبعة، يبدو هذا نوع الاختبار الذي قد يواجهه ساحر، وعندما لاحظ ان جميع من في
القاعة يحدق في القبعة، حدق فيها هو الاخر. ساد الصمت للحظات، ثم صدرت عن القبعة
حركة بسيطة، وظهر خط بالقرب من قاعدتها وانفتح كأنه فم، وبدأت القبعة في الغناء:
ربما لا تعتقدون اني جميلة، ولكن ليس كذلك يرى الحكماء
سوف ألتهم نفسي إذا وجدتم قبعة أشد مني ذكاء
يمكنكم ان تحافظوا على قبعاتكم ، طويلة، ناعمة، سوداء
ولكن أنا، قبعة تصنيف هوجورتس، سأفوقهم حكمة ودهاء
فقبعة التصنيف تقرأ كل أفكارك، مهما حاولت الإخفاء
هيا فلترتديني لأخبرك عن أفضل انتماء
فربما تنتمي لجرفندور، حيث شجاع القلب يكون
بأخلاق الفرسان وقوتهم دائما يتميزون
أو ربما أنت من هافبلباف العادلون المخلصون
لا يخشون العمل الشاق، وهم بالصبر والصدق يؤمنون
أما إذا كنت ذو عقل ثاقب، ففي رافنكلو بيت الحكمة ستكون
وهناك سيجد الأذكياء محبي العلم من إليهم ينتمون
أو ربما في سليذرين أصدقائك الحقيقيون
يصلون لأهدافهم بأي طريق، فهم دهاة بارعون
هيا فلترتدوني ولا تخافون
انتم في أيد أمينة، سأقرأ فقط ما تفكرون
بمجرد أن انتهت القبعة من الغناء، ضجت القاعة بالتصفيق،
فانحنت القبعة لكل طاولة من الطاولات الأربعة، ثم عادت لسكونها مرة أخرى.
همس رون لهاري ( إذا فليس علينا إلا ان نرتدي تلك القبعة
، سوف أقتل فريد، لقد أخبرني أنه علي مصارعة غولا)
تبسم هاري بضعف، كان ارتداء القبعة أفضل كثيرا من أداء
تعويذة، ولكنه تمنى لو كان بإمكانه ارتدائها بعيدا عن كل تلك العيون التي تحملق
فيه، كما أن القبعة متطلبة جدا، فلم يكن هاري يشعر في الوقت الحالي بالشجاعة أو
الذكاء أو أي مما تحدثت عنه القبعة، لو أن القبعة تحدثت عن بيت لمن يشعر بالغثيان،
لكان هذا هو البيت المناسب له تماما.
تقدمت الأستاذة ماكونجال وهي تمسك بلفافة من الورق وقالت
( عندما أذكر اسمك ، ارتدي القبعة واجلس على الكرسي حتى يتم تصنيفك، هانا ابوت)
خرجت فتاة تتعثر من الصف، كانت ذات وجه وردي وشعر أشقر
معقود كذيل حصان، ارتدت القبعة التي انزلقت في الحال حتى غطت عينيها، ثم جلست على
المقعد، وبعد لحظات من الصمت صاحت القبعة
( هافلباف )
ضجت الطاولة التي على اليمين بالهتاف والتصفيق، بينما
اتجهت هانا للجلوس على طاولة هافلباف، رأى هاري شبح فريار السمين يلوح لها بمرح.
( سوزان بونز ) صاحت القبعة ثانية ( هافلباف ) فذهبت
سوزان لتجلس بجانب هانا.
( تيري بووت ) ( رافنكلو )
صدر التصفيق هذه المرة من الطاولة الثانية لجهة اليسار،
وعندما انضم تيري للطاولة، نهض بعض طلاب
رافنكلو لتحيته.
ذهبت ماندي بروكل هورست لرافنكلو أيضا، ولكن لافندر
براون أصبحت أو من ينضم إلى جريفندور، فانفجرت الطاولة في أقصى اليسار بالهتاف،
استطاع هاري رؤية إخوة رون التوأم يهتفون ويلوحون.
انضمت ميلسينت بيلسترود لسليذرين. ربما كان خيال هاري هو
الذي صور له ذلك بعد كل ما سمعه عن سليذرين، ولكنه شعر أن طلاب سليذرين مجموعة
بغيضة مزعجة.
بدأ هاري يشعر بالغثيان الشديد الان، وقد تذكر لحظات
اختياره للانضمام إلى فريق أثناء حصة الرياضة في مدرسته القديمة، لقد كان آخر من
يتم اختياره، وذلك ليس لنه لاعب سيء، ولكن لأن لا احد يريد ان يعتقد دادلي انه يحب
هاري.
جاستين، فينش فليتشلي، هافلباف
لاحظ هاري أن القبعة أحيانا تصيح باسم المنزل في الحال،
ولكن في أحيان أخرى تأخذ بعض الوقت لتقرر
( شيموس فينيجن ) كان ذلك هو الولد ذو الشعر رملي اللون،
الذي يسبق هاري في الصف، جلس الولد دقيقة كاملة على المقعد، قبل أن تصيح القبعة (
جريفندور)
( هرميوني جرانجر ) ذهبت هرميوني مسرعة إلى المقعد ووضعت
القبعة بلهفة على رأسها، صاحت القبعة ( جريفندور ) فتنهد رون .
خطرت على بال هاري فكرة فظيعة، فالأفكار الفظيعة دائما
ما تباغتك عندما تكون قلقا ومتوترا، ماذا لو لم يتم اختياره على الإطلاق؟ ماذا لو
جلس على المقعد مرتديا القبعة للأبد، حتى تنزعها عنه الأستاذة ماكونجال معلنة انه
من الواضح وجود خطأ ما، وأنه من الأفضل ان يركب القطار عائدا إلى المنزل؟
عندما نادت الأستاذة ماكونجال على نيفيل لونجبوتم، الولد
الي يفقد ضفدعه باستمرار، تعثر في طريقه إلى المقعد. استغرقت القبعة وقتا طويلا
لتقرر في أي منزل ستضع نيفيل، وعندما صاحت أخيرا ( جريفندور ) ركض نيفيل وهو مازال
مرتديا القبعة، واضطر إلى العودة ثانية ليعطيها لموراج ماكدوجال، وسط ضحكات جميع
من في القاعة.
تقدم مالفوي مختالا عندما نودي اسمه، وحصل على امنيته في
الحال، فما كادت القبعة تلمس رأسه حتى صاحت ( سليذرين). ذهب مالفوي للانضمام إلى
أصدقائه كراب وجويل ، وهو يشعر بالفخر.
لم يتبقى الكثيرون ( موون، نوت، باركنسون، ثم توأم من
الفتيات باتيل وباتيل، وبعدهما سالي آن بيركز، وأخيرا،.... هاري بوتر)
بمجرد أن تقدم هاري، انتشرت الهمسات في القاعة الكبيرة
كانتشار النار في الهشيم ( هل قالت بوتر؟ هل هو هاري بوتر نفسه؟)
كان آخر ما رآه هاري قبل ان تنزلق القبعة على عينيه، قاعة
مليئة بالناس يمدون أعناقهم ليروا هاري بشكل أفضل، وبعدها كان ينظر إلى داخل
القبعة السوداء منتظرا.
سمع هاري صوتا منخفضا يتردد في أذنيه ( مممم، يالها من مهمة صعبة، صعبة جدا، إنني أرى
قدرا كبيرا من الشجاعة، وعقلا لا بأس به أيضا، كما ارى موهبة جيدة، يا إلهي ، نعم،
وتعطشا لإثبات الذات أيضا، مثير للاهتمام حقا، إذا أين ينبغي أن أضعك؟)
تشبث هاري بطرف المقعد وهو يفكر ( ليس سليذرين، ليس
سليذرين)
قال الصوت ( ممم، ليس سليذرين؟ هل أنت متاكد من ذلك؟قد
تبلغ العظمة يوما ما، أتعرف ذلك؟ إنه كله هنا، في رأسك، وسليذرين سيساعدك في طريقك
للعظمة، لا شك في ذلك، ألا تريد ذلك؟ حسنا، إذا كنت متاكدا ، من الأفضل أن تكون في
جريفندور)
سمع هاري القبعة تصيح بالكلمة الأخيرة للقاعة كلها،
فنزعها واتجه إلى طاولة جريفندور مرتعشا، كان يشعر بالراحة الشديدة لأنه تم
اختياره ولم يصنف في سليذرين، كان مستغرقا في هذا الشعور حتى انه لم يلاحظ انه حصل
على اعلى هتاف وتصفيق. نهض بيرسي رائد الفصل وصافحه بحرارة، وصاح التوأم ويزلي (
لقد حصلنا على بوتر، لقد حصلنا على بوتر) جلس هاري في مقابل الشبح ذو الياقة
العريضة الذي رآه سابقا. ربت الشبح على ذراعه، فشعر هاري وكأنه وضعها فجأة في دلو
مليء بالماء المثلج.
استطاع هاري الان ان يرى طاولة الأساتذة بوضوح.في الطرف
القريب منه كان يجلس هاجريد، الذي نظر إليه ورفع إبهامه لأعلى فرحا، فابتسم له
هاري. وهناك، في منتصف الطاولة، وعلى كرسي ذهبي كبير، جلس ألباس دامبلدور، الذي
عرفه هاري على الفور بفضل بطاقته التي وجدها في علبة شكولاتة الضفادع أثناء ركوبه القطار.
كان شعر دامبلدور الفضي هو الشيء الوحيد في القاعة الذي يلمع بشدة كالأشباح.
رأى هاري أيضا الأستاذ كويريل، الشاب المتوتر الذي قابله
في المرجل الراشح، كان مظهره غريبا جدا وهو يرتدي عمامة ضخمة بنفسجية اللون.
والان، لم يتبقى غير ثلاثة فقط ليتم تصنيفهم، دين توماس،
ولد أسود طويل، أطول حتى من رون، وقد انضم لهاري على طاولة جريفندور، ليزا توربين
ذهبت لريفنكلوا، وأخيرا جاء دور رون، الذي أصبح لونه أخضر شاحب. شبك هاري أصابعه
تحت الطاولة وهو يتمنى ان يكون رون في جريفندور، وبعد ثانية، صاحت القبعة
جريفندور، صفق هاري بحرارة شديدة مع الباقيين، وانضم لهم رون الذي انهار على
الكرسي المجاور لهاري.
بينما كانت القبعة تعلن انضمام بلايز زابيني إلى
سليذرين، قال بيرسي ويزلي بفخر ( أحسنت يا رون، احسنت ).
طوت الأستاذة ماكونجال لفافة الأسماء، واخذت المقعد
الصغير بعيدا.
نظر هاري للطبق الذهبي الفارغ امامه، لقد ادرك الان فقط
كم هو جائع، لقد بدت فطائر القرع العسلي وكأنها كانت منذ زمن بعيد.
نهض ألباس دامبلدور واقفا، ونظر إلى الطلاب مبتسما فاتحا
ذراعيه، وكأن لا شيء يسعده أكثر من رؤيتهم جميعا هنا، ثم قال ( مرحبا بكم، مرحبا
في عام دراسي جديد في هوجورتس، أود أن أقول بعض الكلمات قبل أن نبدأ الوليمة، مغفل،
شحم، زوائد، قرصة ، شكرا لكم )
جلس دامبلدور، وضجت القاعة بالهتاف والتصفيق، ولم يعرف
هاري هل يضحك أم ماذا، فسأل بيرسي بتردد ( هل به بعض من الجنون؟)
قال بيرسي بحماس ( جنون؟ إنه عبقري، أعظم ساحر في
العالم، ولكن به قليل من الجنون فعلا، أتريد بعض البطاطس يا هاري؟)
وقع فك هاري من الدهشة، فقد امتلأت الأطباق أمامه بأكوام
من الطعام، لم يرى في حياته كل هذه الصناف التي يحبها مجتمعة على طاولة واحدة، لحم
البقر المشوي، والنقانق، واللحم المقدد، و شرائح اللحم، وقطع من لحم الضأن، والدجاج
المشوي، والبطاطس المسلوقة والمشوية والمقلية، والبودينج والصلصة والكاتشاب والمرق
والبازلاء والجزر، ولسبب ما كان هناك أيضا حلوى النعناع.
لم تقم عائلة درسلي بتجويع هاري ، ولكنهم لم يسمحوا له
أبدا بأن يأكل كيف يشاء، فقد كان دادلي دائما يأخذ ما يريده هاري، حتى ولو كان
السبب في شعوره بالمرض. ملأ هاري طبقه بقطعة من كل شيء على المائدة، ماعدا حلوى
النعناع، وبدا في التهام الطعام الذي كان لذيذا للغاية.
قال الشبح ذو الياقة العريضة بحزن وهو يشاهد هاري يقطع
شريحة من اللحم ( يبدو هذا شهيا )
( ألا تستطيع أن...؟)
أجاب الشبح ( إنني لم أتناول الطعام لحوالي خمسمائة عام،
إنني لا أحتاج إليه بالطبع، ولكنني أفتقده، لا اعتقد أنني قدمت نفسي، سير نيكولاس
دي ميمسي بوربينجتون شبح برج جريفندور في خدمتك)
قال رون فجأة ( إنني أعرف من انت، لقد أخبرني إخوتي عنك،
إنك نيك شبه مقطوع الرأس )
قال الشبح بجمود ( إنني أفضل أن تدعوني سير نيكولاس دي
ميمسي)
ولكن شيموس فينيجان ذو الشعر رملي اللون قاطعه ( شبه
مقطوع الرأس؟ كيف يمكنك أن تكون شبه مقطوع الرأس؟)
بدا السير نيكولاس منزعجا بشدة، وكأن محادثتهم الصغيرة
لم تكن تسير أبدا كما كان يريد، فقال بانفعال ( هكذا ) مد يده وأمسك أذنه اليسرى ثم سحبها، فانفصلت
رأسه عن رقبته وسقطت على كتفه، كانت وكأنها موصولة بالرقبة عن طريق مفصلة، يبدو أن
احدهم حاول قطع رقبته ولكنه لم ينجح في ذلك بشكل كامل. ظهرت نظرات الذهول على
وجوههم فشعر نيك شبه مقطوع الرأس بالسرور وأعاد رأسه إلى مكانها وسعل ثم قال (
إذا، طلاب جريفندور الجدد، أتمنى أن تساعدونا في الفوز بكأس المنازل هذا العام،
فلم تمر على جريفندور فترة طويلة كهذه أبدا بدون أن يربح الكأس، لقد فاز سليذرين
بالكأس ست سنوات على التوالي، لقد أصبح البارون الدامي شبح سليذرين لا يطاق)
نظر هاري لطاولة سليذرين ورأى شبحا مروعا يجلس هناك،
يحدق في الفراغ ، بوجه هزيل وملابس ملطخة بدم فضي. كان يجلس بجانب مالفوي الذي بدا
عليه انه ليس سعيدا بجلوس الشبح بالقرب منه، مما جعل هاري يشعر بالسرور.
سأل شيموس بفضول شديد ( كيف تلطخت ملابسه بالدماء؟)
قال نيك شبه مقطوع الرأس بلباقة ( لم أسأل عن ذلك مطلقا
)
عندما تناول الجميع كل ما يشتهون من الطعام، اختفى
الطعام المتبقي من الأطباق، وعادت نظيفة لامعة كالسابق. وبعد لحظات، ظهرت الحلوى،
كتل من المثلجات بكل النكهات التي يمكنك تخيلها، فطائر التفاح، وفطيرة دبس السكر،وكعكة
الكريمة، والكعك المقلي المحشو بالمربى، معجنات الشيكولاتة، والفراولة، والجيلي،
وأرز باللبن.
بينما كان هاري يأخذ قطعة من فطيرة دبس السكر، بدأ
الأولاد في الحديث عن عائلاتهم، فقال شيموس ( إنني نصف ساحر ونصف عامي، أبي من العامة،
لم تخبره أمي أنها ساحرة إلا بعد زواجهما، لقد كانت صدمة كبيرة بالنسبة له)
انفجروا جميعا في الضحك.
قال رون ( وماذا عنك يا نيفيل؟)
قال نيفيل ( حسنا، لقد ربتني جدتي، وهي ساحرة، ولكن جميع
أفراد العائلة كانوا يعتقدون لوقت طويل أنني لست بساحر، حاول عمي الكبير آلجي أن
يأخذني على حين غرة ليرغم السحر على الظهور، حتى أنه دفعني مرة من على رصيف بلاك
بوول، وكنت على وشك الغرق، ولكن شيئا لم يحدث، لم يظهر السحر حتى بلغت الثامنة من
عمري، يومها كان عمي الكبير آلجي مدعوا لدينا على العشاء، فأمسكني من كاحلي
وأخرجني من نافذة الدور العلوي، ولكن عمتي الكبرى انيد قدمت له قطعة من حلوى
المارينج، فترك قدمي بدون قصد، لكنني قفزت هابطا إلى الحديقة، ثم إلى الطريق، لقد
كانوا سعداء جدا، كانت جدتي تبكي من السعادة، كان ينبغي عليكم ان تروا وجوههم
عندما تم قبولي في هوجورتس، لقد ظنوا أنني قد لا أمتلك المقدار الكافي من السحر
ليتم قبولي في المدرسة، كان عمي الكبير آلجي سعيدا جدا ، لدرجة أنه اشترى لي
ضفدعي)
على الجانب الاخر من هاري، كان بيرسي ويزلي وهيرميوني
جرانجر يتحدثون عن الدروس ( أتمنى أن تبدأ الدراسة في الحال، هناك الكثير والكثير
لتعلمه، إنني مهتمة بدروس التحويل بالذات، أتعرف، تحويل شيء إلى شيء آخر، من
المفترض أن يكون ذلك صعبا جدا بالطبع )
( ستبدأين بأشياء صغيرة، كتحويل عود من الكبريت إلى
إبرة، أشياء كهذه)
شعر هاري بالدفء، وتسرب النوم إلى جفنيه، نظر إلى طاولة
الأساتذة مرة أخرى، فرأى هاجريد يشرب من كأسه ، والأستاذة ماكونجال تتحدث إلى
الأستاذ دامبلدور، والأستاذ كويريل في عمامته الغريبة يتحدث إلى أستاذ ذو شعر أسود
دهني، وأنف معقوف، وجلد شاحب.
حدث كل شيء فجأة، نظر الأستاذ ذو الأنف المعقوف من وراء
عمة كويريل مباشرة إلى عيني هاري ، فشعر هاري بألم حاد حارق يخترق الندبة في
جبهته، فضرب هاري جبهته بيده وهو يصيح من الألم، فسأله بيرسي ( ماذا حدث؟)
( لا شيء ) لقد
اختفى الألم فجأة كما ظهر فجأة، كان التخلص من الألم أسهل من التخلص من الشعور
الذي انتاب هاري إثر نظرة المدرس له، ذلك الشعور الذي يقول أن هذا الأستاذ لا يحب
هاري على الإطلاق.
سأل هاري بيرسي ( من هو هذا الأستاذ الذي يتحدث إلى
الأستاذ كويريل؟)
( آه، أنت تعرف
الأستاذ كويريل بالفعل؟ لا عجب في أنه عصبي ومتوتر، فهذا هو الأستاذ سنايب، إنه
مدرس مادة الوصفات، ولكنه لا يريد تدريسها، الجميع يعرف انه يسعى للحصول على منصب
الأستاذ كويريل، فسنايب لديه كما كبيرا من المعلومات عن فنون السحر الأسود)
راقب هاري سنايب لبعض الوقت، ولكن سنايب لم ينظر إليه
مجددا.
وأخيرا اختفت الحلوى أيضا، ونهض الأستاذ دامبلدور ثانية
فالتزم جميع من في القاعة الصمت.
( مم، والآن بعد أن تناولنا الطعام والشراب، لدي بضع كلمات،
إنها ملاحظات بسيطة أود أن اخبركم بها في بداية هذا الفصل الدراسي: يجب على طلاب
السنة الأولى أن يعرفوا أن الذهاب إلى الغابة على أطراف المدرسة ممنوع على كل
الطلاب، كما أن بعضا من طلابنا القدامى سيحسنون صنعا لو تذكروا هذه القاعدة وعملوا
بها) ونظرت عينا دامبلدور البراقتين في اتجاه التوأم ويزلي.
( لقد طلب مني المشرف، السيد فيلتش، أن أذكركم أن
استخدام السحر في الممرات بين الحصص ممنوع. ستقام اختبارات الكويديتش في الأسبوع
الثاني من الفصل الدراسي، وعلى أي طالب يريد الانضمام لفريق الكويديتش الخاص
بمنزله أن يتواصل مع مدام هووتش. وأخيرا، يجب أن أخبركم أن دخول الممر الأيمن من
الدور الثالث، ممنوع على كل من لا يريد أن يموت ميتة مؤلمة للغاية)
ضحك هاري، ولكنه كان واحدا من القليلين الذين فعلوا،
فسأل بيرسي ( هل هو جاد؟)
قال بيرسي بعبوس وهو ينظر إلى دامبلدور ( هو جاد بالفعل،
ولكن هناك شيء غريب، فهو دائما ما يخبرني عن سبب منعنا من الذهاب إلى مكان ما،
فالجميع يعرف ان الغابة مثلا مليئة بوحوش شديدة الخطورة، ربما سيخبرنا نحن رواد
الفصول فيما بعد، بسبب المنع من الذهاب إلى ممر الدور الثالث)
صاح دامبلدور ( والآن، وقبل أن تخلدوا إلى النوم، دعونا
ننشد نشيد المدرسة) لاحظ هاري أن باقي الأساتذة قد ارتسمت على وجوههم ابتسامة
متكلفة إلى حد ما.
نقر دامبلدور بعصاه نقرة خفيفة، وكأنه يبعد ذبابة عن
طرفها، فانساب من العصا خيط ذهبي طويل وارتفع عاليا فوق الموائد ثم تلوى كالثعبان
وتحول لكلمات، قال دامبلدور ( فليستخدم كل منكم لحنه المفضل، هيا فلنبدأ) وارتفعت
أصوات الطلاب:
هوجورتس،
هوجورتس، هوجي وارتي هوجورتس
علمينا من فضلك بعض الأشياء
سواء كنا كبارا ذوي رؤوس صلعاء
أو صغارا بأقدام تغطيها الدماء
املئي عقولنا بأشياء مهمة تمنحها الثراء
فهي الآن خالية يملأها الهواء
فلتعلمينا ما يستحق المعرفة والعناء
وتذكرينا بما نسينا من أشياء
فلتعلمينا كل ما تستطعين وسنقوم نحن بالمتابعة
سنظل نتعلم حتى تصبح عقولنا خواء
أنهى الطلاب الأغنية، كل في توقيت مختلف، وفي النهاية لم
يتبقى غير التوأم ويزلي اللذان كانا ينشدان الأغنية بإيقاع جنائزي شديد البطء. كان
دامبلدور يحرك عصاه مع غناء التوأم للأبيات الأخيرة من الأغنية، وكأنه قائد فرقة
موسيقية، وعندما انتهيا من الغناء كان من بين الأشخاص اللذين صفقوا لهم بحرارة، ثم
قال وهو يمسح عينيه ( اه، الموسيقى، إنها لسحر يفوق كل ما نفعله هنا، والان وقت
النوم، فلتسرعوا إلى غرفكم)
سار طلاب الصف الأول من جريفندور خلف بيرسي، وعبروا
الجموع الصاخبة، ثم خرجوا من القاعة الكبرى، وصعدوا السلالم الرخامية. شعر هاري
بأن أقدامه شديدة الثقل مرة أخرى، ولكن ذلك كان لأنه متعب جدا ومعدته مليئة عن
آخرها بالطعام. كان يشعر بالنعاس بشدة، لدرجة أنه لم يتفاجأ عندما رأى الناس في
الصور المعلقة على الحائط على طول الممرات يتحدثون ويشيرون إليهم عندما يمرون
بجوارهم، أو عندما قادهم بيرسي مرتين من خلال أبواب مختفية خلف لوحات متحركة
وأبسطة مزخرفة معلقة. صعدوا المزيد من السلالم وهم يتثاءبون ويجرون أقدامهم، وكان
هاري يتساءل كم عدد السلالم الذي مازال عليهم صعودها ، عندما توقفوا فجأة .
كانت مجموعة من عصي المشي تطفو أمامهم في الهواء، وبمجرد
أم تقدم بيرس في اتجاههم، بدأت العصي في مهاجمته.
همس بيرسي لطلاب السنة الأولى ( إنه بيفيز، شبح شرير )
ثم رفع صوته ( بيفيز، أظهر نفسك )
فأجابه صوت عال فظ، وكانه صوت هواء يخرج من بالون
( أتريدني أن أذهب إلى البارون الدامي؟)
سمعوا صوت فرقعة خفيفة، ثم ظهر رجل صغير، له عيون خبيثة
قاتمة، وفم واسع، يطفو في الهواء وهو يضع ساقا فوق ساق ويمسك بعصي المشي بين يديه،
ثم قال بنبرة شريرة ( أوووه، طلاب السنة الأولى الصغار، سنحصل على الكثير من
المرح) وطار تجاههم فجأة ، فأحنوا جميعا رؤوسهم بسرعة.
صاح بيرسي بغضب ( ابتعد يا بيفيز، وإلا سأخبر البارون
الدامي، إنني أعني ما أقوله حقا)
أخرج بيفيز لسانه واختفى، تاركا عصي المشي لتسقط فوق رأس
نيفيل، سمعوا صوت بيفيز من بعيد يطير مسرعا ويضرب الدروع الحديدة محدثا صوت قرقعة
صاخبة.
عادوا للسير ثانية، قال بيرسي ( يجب أن تحذروا من بيفيز،
البارون الدامي هو الوحيد الذي يمكنه السيطرة عليه، إنه حتى لا يستمع لنا نحن رواد
الفصول، ها نحن ذا )
في نهاية الممر كانت هناك لوحة لامرأة سمينة ترتدي ثوبا
ورديا من الحرير، معلقة على الحائط، قالت ( كلمة السر )
قال بيرسي ( كابوت دراكونس، رأس التنين ) فتأرجحت اللوحة
للأمام، ليظهر من خلفها فتحة دائرية في الحائط، تعثروا جميعا وهم يعبرونها، حتى ان
نيفيل احتاج لبعض المساعدة، ثم وجدوا انفسهم في غرفة جريفندور العامة، التى كانت
غرفة دائرية مريحة مليئة بالمقاعد الوثيرة.
أرشد بيرسي الفتيات إلى باب يقود إلى غرف نومهم، وأرشد
الأولاد إلى باب آخر، وفي نهاية سلم حلزوني كان من الواضح أنه في أحد الأبراج،
وجدوا أسرتهم أخيرا. كان لكل واحد منهم سرير ذو أربعة أعمدة مغطى بستائر مخملية
قرمزية اللون، ووجدوا صناديقهم قد أحضرت بالفعل إلى الغرفة.
كانوا متعبين جدا فلم يتحدثوا، واكتفوا بارتداء ملابس
النوم ثم استلقوا على الفراش.
تمتم رون ( لقد كان طعاما لذيذا، أليس كذلك؟ توقف يا
سكابرز، إنه يمضغ ملاءتي)
أراد هاري أن يسأل رون إن كان تناول بعضا من فطائر
الكريمة، ولكنه استغرق في النوم في الحال.
ربما تناول هاري الكثير من الطعام، فقد رأى حلما غريبا
جدا. كان يرتدي عمامة الأستاذ كويريل التي كانت تتحدث إليه باستمرار وتخبره بأن
عليه أن ينتقل إلى سليذرين في الحال لأن هذا قدره.ولكن هاري أخبر العمة أنه لا
يريد الذهاب لسليذرين، فبدأت العمامة تصبح أثقل وأثقل، حاول هاري انتزاعها ولكنها
ضاقت على رأسه بطريقة مؤلمة. ثم رأى مالفوي الذي كان يضحك على صراع هاري مع العمامة،
ثم تحول مالفوي إلى الأستاذ سنايب ذو الأنف المعقوف، الذي أصبحت ضحكاته عالية
وباردة، ثم رأى انفجارا من الضوء الأخضر، ثم استيقظ هاري وهو يرتعش ويتصبب عرقا.
تقلب هاري في سريره ثم استغرق في النوم مرة أخرى، وعندما
استيقظ في صباح اليوم التالي، لم يتذكر هذا الحلم على الإطلاق.
0 تعليقات